العلم هاشم اتاسي ح9
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
العلم هاشم اتاسي ح9
وترجم للرئيس الجليل مؤرخ الثورة السورية السيد أدهم الجندي العباسي في كتاب "تاريخ الثورات السورية" فكان مما قال: "هو الزعيم العربي المشهور بجهاده الوطني والصرح الشامخ في الكفاح والنضال ضد المستعمرين، وسليل المجد والشرف العريق صاحب الفخامة السيد هاشم بن العلامة المرحوم خالد بن محمد بن عبدالستار الأتاسي"، وقال في موضع آخر في الترجمة: "كان سيد الرعيل الأول الذي رافق القضية الوطنية منذ فجرها، وكانت كلمته هي العليا في كل نضال وكفاح ومعارضة في عهد الانتداب الفرنسي"[95].
وقال في مذكراته الوزير والنائب السوري المعروف المرحوم أسعد الكوراني من الطيبين في هذا الوطن، بمناسبة افتتاح معرض دمشق الدولي على يدي الرئيس الجليل: "وقد رأيت، ورئاسة هاشم الأتاسي تقترب من نهايتها، وهي آخر عهده في الحكم، أن افتتح كلمتي بتحيته، فكان مما قلته في هذه التحية:
"ومن واجبي أن استهل كلامي بالشكر أرفعه إلى فخامتكم لتفضلكم برعاية هذه الحفلة وتشريفكم إياها بالحضور وتلطفكم بافتتاح المعرض بعد قليل، وإذا كان المعرض بطابعه الدولي يقام لأول مرة في الوطن السوري فإن من بشائر الخير أن يكون افتتاحه بيدكم الكريمة بعد أن أسبغتم عليه الكثير من العطف والتشجيع والإرشاد، فأرجو يا سيدي الرئيس العظيم أن تقبلوا منا هذا الشكر مقرونا بابتهالنا إلى الحق أن يتولاكم بعنايته ويديمكم ذخرا لهذا الوطن الذي يحفظ لكم في سجل الخلود الكثير من جلائل الأعمال"
وقد كانت هذه التحية صادرة من أعماق قلوبنا، وكنت والأخ عزت صقال نجتمع مساء أغلب الأيام في نادي الشرق، وكان بيننا صداقة حميمة، والأستاذ عزت ذو ثقافة رفيعة وألمعية قانونية واسعة، فكان مثلي مبهورا بكفاءة الرئيس هاشم الأتاسي، ولا سيما حين يجتمع بالسفراء الأجانب، لأنه كان يحضر اجتماعه بهم بوصفه وزيرا للخارجية، وإلى جانب تلك الكفاءة كان الرئيس الأتاسي مفطورا على استقامة مثالية واحترام لكل حق، وكان واسع الاطلاع على الأحكام الدستورية، رأيته مرارا وأنا أزوره في القصر الجمهوري لأعرض عليه بعض أمور الوزارة يقرأ بالفرنسية مذكرات رؤساء مشهورين". ثم قال الكوراني في موضع آخر: "وبعد أن زرنا أجنحة المعرض العربية والأجنبية انصرف رئيس الجمهورية من المعرض بعد أن أخذ ظلام الليل يرخي سدوله، وقد أعجب الناس كلهم بنشاطه في زيارة الأجنحة على تعددها، وقد طلب مني بعد عدة أيام أن يزور الأجنحة الفردية الخاصة التي لم يزرها يوم افتتاح المعرض، فرافقته في هذه الزيارة الكريمة التي دلت على علو في النفس وتقدير لجهد مواطنيه، وقد بدا عليه التأثر المقرون بالتشجيع في زيارة مشغل سيدة حلبية مسيحية حينما عرضت عليه إنتاجها قائلة: "إن هذه المطرزة يا صاحب الفخامة تطلبت مني مليون شكة إبرة". على أن أعظم مظهر في هذه الزيارة كان لما تعالى صوت المؤذن ينادي إلى صلاة المغرب، فأعطى عصاه إلى مرافقه ودخل قبلية الجامع ووقف في الصف الرابع وأدى الصلاة مع مواطنيه من دون أي تمييز. فيا لروعة العظمة في رئاسة هذا الرجل كيف تجلت بهذه البساطة وبهذا الاطمئنان"[96] انتهت عبارة الكوراني رحمهما الله.
وقال نقيب الصحافيين في سورية الوطني الكبير نصوح بابيل رحمه الله في مذكراته "صحافة وسياسة" مشيدا بوطنية هاشم بك في عهد الاحتلال الفرنسي وبتشجيعه للصحافة الحرة الوطنية بعد أن مورس عليها من قبل الفرنسيين أعتى أنواع الإرهاب والقمع والرقابة: "وإني لأذكر في تلك الفترة العصيبة بالذات أن الرئيس هاشم الأتاسي أرسل في طلبنا، الأستاذ نجيب الريس وأنا، فذهبنا إليه في مكتبه في الكتلة الوطنية، وقال لنا: {إن إخواننا ذهبوا إلى السجون والمنافي، ولم يبق في الساحة سوانا، أنتما وأنا، فعلينا أن نواجه مسؤولياتنا بجرأة أكبر وعزيمة أقوى تساعدنا على حمل العبء كله، أقول هذا مع تقديري لنضالكما المشرف وتضحياتكما المعروفة والمشكورة} لقد فعلت كلمات الرئيس الجليل فعلها في نفوسنا، وزادتنا إعجابا بإيمانه العامر، وعقيدته الصلبة، واندفاعه في خدمة وطنه، وخرجنا من لدنه أكثر تصميما على مواصلة الكفاح حتى يتحقق النصر، وتظفر بلادنا بما تريد، أو أن نلحق بإخواننا الذين سبقونا إلى السجون، ينزلون فيها منازل المواطنين الشرفاء والمناضلين الأوفياء" انتهت عبارة المرحوم بابيل جزاه الله عنا الجزاء الحسن[97].
وقال المؤرخ سامي المبيض مترجماً له في كتاب "سياسات دمشق": "خلال حياته السياسية استحق هاشم بك لقب "أبي جميع السوريين"، وكان كل السياسيين، سواء أكانوا من الوطنيين أو المعتدلين، يطلبون النصح منه في أمورهم الشخصية والسياسية. كفوزي الغزي، كان هاشم الأتاسي يعتبر نفسه زعيماً وطنياً وليس سياسياً. عندما انتخب رئيساً للجمهورية السورية عام 1936م، رأى الأتاسي في منصبه واجباً محتماً عليه تأديته اتجاه بلاده، ولم ير فيه منصب جاه أو نفوذ كما رآه الآخرون. رئيس الجمهورية، كما كان الأتاسي يتصوره، لم يكن أكثر من موظف حكومة وليس له أن يستغل منصبه لأي كسب شخصي أو متعة ذاتية، إنه مطالب أمام الشعب الذي اختاره لهذ الوظيفة بالعمل لخدمة البلاد لا لخدمة نفسه. ولكي يضمن الأتاسي تطبيق إيمانه بواجبات الرئيس أضاف إلى دستور عام 1928 مادة تحدد مدة الرئاسة بخمس سنوات فحسب. كان الأتاسي يخشى إن طالت مدة رئاسة الفرد أكثر من ذلك أن يؤدي ذلك إلى إفساد أخلاقيات القائد وتحويله إلى سياسي يطلب مجداً وشهرة بدلاً من أن يكافح من أجل غرض سامي ولرفعة شعبه. خلال تاريخ سورية السياسي، قليلون هم الذين كانوا بعدل واستقامة وإخلاص ووطنية هاشم الأتاسي"[98].
وقال المجاهد الوطني، عبدالغني الأسطواني، واصفاً شخصية فخامة الأتاسي بعد أن اجتمع به: "واجتمعنا بالسيد رئيس الجمهورية هاشم الأتاسي، الخلوق الوديع ذي الأخلاق العالية الرفيعة المتواضعة بشخصيته النادرة، الذي لا يعرف الكبرياء والعظمة التي كنا نشاهدها من بعض الرؤساء"[99].
وقال السياسي الوطني الكبير محمد عزة دروزة، أحد أعضاء المؤتمر السوري الأول (1919م) وسكرتير الجمعية التأسيسية، وأحد واضعي الدستور السوري الأول، في وصفه لبعض أعضاء المؤتمر: "ومن هؤلاء هاشم الأتاسي، وكان كهلاً ناضجاً وقوراً متزناً ذا معارف قانونية وإدارية وذا أخلاق مرضية وأفق واسع وأناة وروية، ويلمح المرء فيه الطيبة والصدق والصراحة، وكان وحدوياً استقلالياً صلباً في وطنيته لا يوارب ولا يداجي، فكان بذلك يبعث في النفس له الاحترام والطمأنينة، وكان يمنحني عطفاً وثقة ويستشيرني في المواقف ويأخذ برأيي مع ما كان من فارق السن بيني وبينه حيث كان يكبرني بنحو 15 سنة أو أكثر"[100].
وقال المؤرخ الحلاق: "هو رجل لطيف العشرة، رحب الصدر، يعتمد مشورة إخوانه، وينزل عند رأي الأكثرية"[101]
وقال مؤرخ العصر العلامة الشاعر الزركلي في نهاية ترجمته لهاشم بك في كتابه الشهير "الأعلام": "كان نقي السيرة، عف اليد واللسان، قوام زعامته النزاهة والإخلاص"[102].
وقال المؤرخ والشاعر مير البصري في ترجمته للأتاسي في كتاب "أعلام الوطنية والقومية والعربية": "بلغ الأتاسي من العمر عتياً، ولكنه ظل الرجل الذي يحترمه الجميع" إلى أن قال: "كان رجلاً معتدلاً وقوراً نقي السيرة ترجع إليه الأمة السورية في الملمات فيهيئ لها الزعامة الديمقراطية الحرة على الرغم من شيخوخته"[103].
وقال نقيب أشراف دمشق الحصني في حديثه عن أشهر رجال الفضل في حمص: "وهاشم بك من أعظم رجال الإدارة في البلاد الشامية ورئيس المجلس التأسيسي وقد نوهنا عن بعض خدماته الصادقة نحو البلاد في الجزء الأول من كتابنا"[104].
وقال النائب والسياسي المعروف عبداللطيف اليونس في مذكراته أن حياة هاشم الأتاسي السياسية: "هي من أشرف وأنقى صفحات تاريخنا الحديث"[105].
وقال رئيس الوزراء السابق ونائب دمشق في المجالس البرلمانية، الوطني الكبير دولة لطفي الحفار: "إن الرئيس الأتاسي قبل التعاون مع العسكريين الذين لجأوا إليه لتفادي الحكم الدكتاتوري، لا رغبة منه بالمناصب الحكومية والرئاسات، لأنه قضى حياته كلها في النضال الوطني الشريف، وظل محترماً وموضع تقدير حتى نهايتها"[106].
وقال نجدة فتحي صفوة، من كتّاب جريدة الشرق الأوسط، في ترجمة للأتاسي في تلك الجريدة: "كان هاشم الأتاسي يتمتع بمكانة مرموقة في سورية والبلاد العربية، ويحظى باحترام الفئات السياسية والوطنية، وعلى الرغم من تقدمه في السن لم يكن من الممكن تجاهله كعنصر من عناصر الاستقرار"[107].
وقال المؤرخBidwell: " رجل معتدل وواع وهادئ، كان هاشم الأتاسي أحد أكثر سياسي سوريا تمسكاً بالمبادئ"[108].
وقال المؤرخ Torrey: "هاشم الأتاسي، الزعيم القديم، تجلت فيه صفات النبل والشرف والوقار والمبادئ الأخلاقية الفضيلة للجيل الأقدم. كان محترماً بصورة عظيمة من قبل المواطنين السوريين، وزعامته كانت تُنشد في أوقات الأزمات"[109].
وقال المؤرخ Seale: "وأعلن الحناوي انسحاب الجيش من السياسة، ودعى الرئيس القديم هاشم الأتاسي، أعظم رمز لنضال سوريا ضد الإنتداب الفرنسي، ليشكل حكومة"[110].
وبعد، لقد كان الأتاسي من أعظم رجالات التاريخ الحديث إن لم يكن أعظمها على الإطلاق، أقرب في أخلاقه وسماته إلى أخلاق الصحابة رضوان الله عليهم من أخلاق عصرنا، اعتبره مواطنوه أباً لبلادهم، ورمزاً لنضالهم وحريتهم ووحدتهم، ولا أعلم شخصية في التاريخ الحديث، وقد مررت في دراستي وإعدادي لبحثي هذا على مئات الكتب والمصنفات والدوريات، كان لها مثل هذا الإجماع على حبها واحترامها من جميع من عرفوها مهما اختلفوا في أفكارهم واعتقاداتهم وميولهم وأغراضهم، في حين أن لكل السياسيين أينما كانوا من يعارضهم ويتعرض لهم بالذم والتفنيد، ولم يكن عميدا للساسة السورين والعرب فحسب ولكن كان زعيما لكل الشعب بكل طبقاته، وقد مر على ذكره وسيرته العَبِقة وترجمته عشرات بل مئات الكتب وبألسنة عدة، ذكرنا عدداً من هذه التراجم، ونذكر منها أيضاً على سبيل المثال لا الحصر كتاب "دائرة المعارف" للبستاني[111]، و"موسوعة أعلام سورية في القرن العشرين" للبواب[112]، و"معجم المؤلفين" لكحالة[113]، و"معالم وأعلام" لقدامة[114]، وكتاب "من أعلام حمص" للتدمري[115]، "والحكومات السورية في القرن العشرين" لجمعة وظاظا[116]، وكتاب "معالم وأعلام من حمص الشام" للشيخاني وكاخيا[117]، وكتب "من هم في العالم العربي"[118]، و"من هو في سورية 1949"[119]، و"من هو في سورية 1951"[120] وهي لجورج فارس، و"الموسوعة التاريخية الجغرافية" للخوند[121]، و"تاريخ سوريا" لسلطان[122]، و"سورية: صراع الاستقطاب" للبزي[123]، والقاموس السياسي" لعطية الله[124]، وموسوعة بريتانيكا الشهيرة[125]، والموسوعة الأمريكية[126]، و"المورد" للبعلبكي[127]، وكتاب "المنجد"[128]، و Dictionary of Modern Arab History by Bidwell[129]، و Political Dictionary of the Arab Wrold by Shimoni[130]، و Historical Dictionary of Syria by Commins[131]، وInternational Who s Who[132]، وغيرهم عدد كبير لا يمكن حصرهم.
والجدير بالذكر أن والدة السيد هاشم الأتاسي هي الشريفة رقية آل السيد سليمان بنت محمد بن ابراهيم بن صالح بن السيد سليمان الأتاسي ووالدة بعض اخوته (خليل عبدالهادي ومظهر) كما ورد في ترجمة والده الشيخ العلامة خالد الأتاسي، وقد تزوج السيد هاشم الأتاسي من ابنة عمه السيدة وردشان بنت الشيخ المفتي عبداللطيف بن محمد الأتاسي رحمهم الله أجمعين.
صب الله على هاشم الأتاسي من سحائب رحمته، وأحسن عاقبته ومثواه، وطهر ترابه، وحشره مع الأنبياء والصديقين الأبرار، آمين.
وقال في مذكراته الوزير والنائب السوري المعروف المرحوم أسعد الكوراني من الطيبين في هذا الوطن، بمناسبة افتتاح معرض دمشق الدولي على يدي الرئيس الجليل: "وقد رأيت، ورئاسة هاشم الأتاسي تقترب من نهايتها، وهي آخر عهده في الحكم، أن افتتح كلمتي بتحيته، فكان مما قلته في هذه التحية:
"ومن واجبي أن استهل كلامي بالشكر أرفعه إلى فخامتكم لتفضلكم برعاية هذه الحفلة وتشريفكم إياها بالحضور وتلطفكم بافتتاح المعرض بعد قليل، وإذا كان المعرض بطابعه الدولي يقام لأول مرة في الوطن السوري فإن من بشائر الخير أن يكون افتتاحه بيدكم الكريمة بعد أن أسبغتم عليه الكثير من العطف والتشجيع والإرشاد، فأرجو يا سيدي الرئيس العظيم أن تقبلوا منا هذا الشكر مقرونا بابتهالنا إلى الحق أن يتولاكم بعنايته ويديمكم ذخرا لهذا الوطن الذي يحفظ لكم في سجل الخلود الكثير من جلائل الأعمال"
وقد كانت هذه التحية صادرة من أعماق قلوبنا، وكنت والأخ عزت صقال نجتمع مساء أغلب الأيام في نادي الشرق، وكان بيننا صداقة حميمة، والأستاذ عزت ذو ثقافة رفيعة وألمعية قانونية واسعة، فكان مثلي مبهورا بكفاءة الرئيس هاشم الأتاسي، ولا سيما حين يجتمع بالسفراء الأجانب، لأنه كان يحضر اجتماعه بهم بوصفه وزيرا للخارجية، وإلى جانب تلك الكفاءة كان الرئيس الأتاسي مفطورا على استقامة مثالية واحترام لكل حق، وكان واسع الاطلاع على الأحكام الدستورية، رأيته مرارا وأنا أزوره في القصر الجمهوري لأعرض عليه بعض أمور الوزارة يقرأ بالفرنسية مذكرات رؤساء مشهورين". ثم قال الكوراني في موضع آخر: "وبعد أن زرنا أجنحة المعرض العربية والأجنبية انصرف رئيس الجمهورية من المعرض بعد أن أخذ ظلام الليل يرخي سدوله، وقد أعجب الناس كلهم بنشاطه في زيارة الأجنحة على تعددها، وقد طلب مني بعد عدة أيام أن يزور الأجنحة الفردية الخاصة التي لم يزرها يوم افتتاح المعرض، فرافقته في هذه الزيارة الكريمة التي دلت على علو في النفس وتقدير لجهد مواطنيه، وقد بدا عليه التأثر المقرون بالتشجيع في زيارة مشغل سيدة حلبية مسيحية حينما عرضت عليه إنتاجها قائلة: "إن هذه المطرزة يا صاحب الفخامة تطلبت مني مليون شكة إبرة". على أن أعظم مظهر في هذه الزيارة كان لما تعالى صوت المؤذن ينادي إلى صلاة المغرب، فأعطى عصاه إلى مرافقه ودخل قبلية الجامع ووقف في الصف الرابع وأدى الصلاة مع مواطنيه من دون أي تمييز. فيا لروعة العظمة في رئاسة هذا الرجل كيف تجلت بهذه البساطة وبهذا الاطمئنان"[96] انتهت عبارة الكوراني رحمهما الله.
وقال نقيب الصحافيين في سورية الوطني الكبير نصوح بابيل رحمه الله في مذكراته "صحافة وسياسة" مشيدا بوطنية هاشم بك في عهد الاحتلال الفرنسي وبتشجيعه للصحافة الحرة الوطنية بعد أن مورس عليها من قبل الفرنسيين أعتى أنواع الإرهاب والقمع والرقابة: "وإني لأذكر في تلك الفترة العصيبة بالذات أن الرئيس هاشم الأتاسي أرسل في طلبنا، الأستاذ نجيب الريس وأنا، فذهبنا إليه في مكتبه في الكتلة الوطنية، وقال لنا: {إن إخواننا ذهبوا إلى السجون والمنافي، ولم يبق في الساحة سوانا، أنتما وأنا، فعلينا أن نواجه مسؤولياتنا بجرأة أكبر وعزيمة أقوى تساعدنا على حمل العبء كله، أقول هذا مع تقديري لنضالكما المشرف وتضحياتكما المعروفة والمشكورة} لقد فعلت كلمات الرئيس الجليل فعلها في نفوسنا، وزادتنا إعجابا بإيمانه العامر، وعقيدته الصلبة، واندفاعه في خدمة وطنه، وخرجنا من لدنه أكثر تصميما على مواصلة الكفاح حتى يتحقق النصر، وتظفر بلادنا بما تريد، أو أن نلحق بإخواننا الذين سبقونا إلى السجون، ينزلون فيها منازل المواطنين الشرفاء والمناضلين الأوفياء" انتهت عبارة المرحوم بابيل جزاه الله عنا الجزاء الحسن[97].
وقال المؤرخ سامي المبيض مترجماً له في كتاب "سياسات دمشق": "خلال حياته السياسية استحق هاشم بك لقب "أبي جميع السوريين"، وكان كل السياسيين، سواء أكانوا من الوطنيين أو المعتدلين، يطلبون النصح منه في أمورهم الشخصية والسياسية. كفوزي الغزي، كان هاشم الأتاسي يعتبر نفسه زعيماً وطنياً وليس سياسياً. عندما انتخب رئيساً للجمهورية السورية عام 1936م، رأى الأتاسي في منصبه واجباً محتماً عليه تأديته اتجاه بلاده، ولم ير فيه منصب جاه أو نفوذ كما رآه الآخرون. رئيس الجمهورية، كما كان الأتاسي يتصوره، لم يكن أكثر من موظف حكومة وليس له أن يستغل منصبه لأي كسب شخصي أو متعة ذاتية، إنه مطالب أمام الشعب الذي اختاره لهذ الوظيفة بالعمل لخدمة البلاد لا لخدمة نفسه. ولكي يضمن الأتاسي تطبيق إيمانه بواجبات الرئيس أضاف إلى دستور عام 1928 مادة تحدد مدة الرئاسة بخمس سنوات فحسب. كان الأتاسي يخشى إن طالت مدة رئاسة الفرد أكثر من ذلك أن يؤدي ذلك إلى إفساد أخلاقيات القائد وتحويله إلى سياسي يطلب مجداً وشهرة بدلاً من أن يكافح من أجل غرض سامي ولرفعة شعبه. خلال تاريخ سورية السياسي، قليلون هم الذين كانوا بعدل واستقامة وإخلاص ووطنية هاشم الأتاسي"[98].
وقال المجاهد الوطني، عبدالغني الأسطواني، واصفاً شخصية فخامة الأتاسي بعد أن اجتمع به: "واجتمعنا بالسيد رئيس الجمهورية هاشم الأتاسي، الخلوق الوديع ذي الأخلاق العالية الرفيعة المتواضعة بشخصيته النادرة، الذي لا يعرف الكبرياء والعظمة التي كنا نشاهدها من بعض الرؤساء"[99].
وقال السياسي الوطني الكبير محمد عزة دروزة، أحد أعضاء المؤتمر السوري الأول (1919م) وسكرتير الجمعية التأسيسية، وأحد واضعي الدستور السوري الأول، في وصفه لبعض أعضاء المؤتمر: "ومن هؤلاء هاشم الأتاسي، وكان كهلاً ناضجاً وقوراً متزناً ذا معارف قانونية وإدارية وذا أخلاق مرضية وأفق واسع وأناة وروية، ويلمح المرء فيه الطيبة والصدق والصراحة، وكان وحدوياً استقلالياً صلباً في وطنيته لا يوارب ولا يداجي، فكان بذلك يبعث في النفس له الاحترام والطمأنينة، وكان يمنحني عطفاً وثقة ويستشيرني في المواقف ويأخذ برأيي مع ما كان من فارق السن بيني وبينه حيث كان يكبرني بنحو 15 سنة أو أكثر"[100].
وقال المؤرخ الحلاق: "هو رجل لطيف العشرة، رحب الصدر، يعتمد مشورة إخوانه، وينزل عند رأي الأكثرية"[101]
وقال مؤرخ العصر العلامة الشاعر الزركلي في نهاية ترجمته لهاشم بك في كتابه الشهير "الأعلام": "كان نقي السيرة، عف اليد واللسان، قوام زعامته النزاهة والإخلاص"[102].
وقال المؤرخ والشاعر مير البصري في ترجمته للأتاسي في كتاب "أعلام الوطنية والقومية والعربية": "بلغ الأتاسي من العمر عتياً، ولكنه ظل الرجل الذي يحترمه الجميع" إلى أن قال: "كان رجلاً معتدلاً وقوراً نقي السيرة ترجع إليه الأمة السورية في الملمات فيهيئ لها الزعامة الديمقراطية الحرة على الرغم من شيخوخته"[103].
وقال نقيب أشراف دمشق الحصني في حديثه عن أشهر رجال الفضل في حمص: "وهاشم بك من أعظم رجال الإدارة في البلاد الشامية ورئيس المجلس التأسيسي وقد نوهنا عن بعض خدماته الصادقة نحو البلاد في الجزء الأول من كتابنا"[104].
وقال النائب والسياسي المعروف عبداللطيف اليونس في مذكراته أن حياة هاشم الأتاسي السياسية: "هي من أشرف وأنقى صفحات تاريخنا الحديث"[105].
وقال رئيس الوزراء السابق ونائب دمشق في المجالس البرلمانية، الوطني الكبير دولة لطفي الحفار: "إن الرئيس الأتاسي قبل التعاون مع العسكريين الذين لجأوا إليه لتفادي الحكم الدكتاتوري، لا رغبة منه بالمناصب الحكومية والرئاسات، لأنه قضى حياته كلها في النضال الوطني الشريف، وظل محترماً وموضع تقدير حتى نهايتها"[106].
وقال نجدة فتحي صفوة، من كتّاب جريدة الشرق الأوسط، في ترجمة للأتاسي في تلك الجريدة: "كان هاشم الأتاسي يتمتع بمكانة مرموقة في سورية والبلاد العربية، ويحظى باحترام الفئات السياسية والوطنية، وعلى الرغم من تقدمه في السن لم يكن من الممكن تجاهله كعنصر من عناصر الاستقرار"[107].
وقال المؤرخBidwell: " رجل معتدل وواع وهادئ، كان هاشم الأتاسي أحد أكثر سياسي سوريا تمسكاً بالمبادئ"[108].
وقال المؤرخ Torrey: "هاشم الأتاسي، الزعيم القديم، تجلت فيه صفات النبل والشرف والوقار والمبادئ الأخلاقية الفضيلة للجيل الأقدم. كان محترماً بصورة عظيمة من قبل المواطنين السوريين، وزعامته كانت تُنشد في أوقات الأزمات"[109].
وقال المؤرخ Seale: "وأعلن الحناوي انسحاب الجيش من السياسة، ودعى الرئيس القديم هاشم الأتاسي، أعظم رمز لنضال سوريا ضد الإنتداب الفرنسي، ليشكل حكومة"[110].
وبعد، لقد كان الأتاسي من أعظم رجالات التاريخ الحديث إن لم يكن أعظمها على الإطلاق، أقرب في أخلاقه وسماته إلى أخلاق الصحابة رضوان الله عليهم من أخلاق عصرنا، اعتبره مواطنوه أباً لبلادهم، ورمزاً لنضالهم وحريتهم ووحدتهم، ولا أعلم شخصية في التاريخ الحديث، وقد مررت في دراستي وإعدادي لبحثي هذا على مئات الكتب والمصنفات والدوريات، كان لها مثل هذا الإجماع على حبها واحترامها من جميع من عرفوها مهما اختلفوا في أفكارهم واعتقاداتهم وميولهم وأغراضهم، في حين أن لكل السياسيين أينما كانوا من يعارضهم ويتعرض لهم بالذم والتفنيد، ولم يكن عميدا للساسة السورين والعرب فحسب ولكن كان زعيما لكل الشعب بكل طبقاته، وقد مر على ذكره وسيرته العَبِقة وترجمته عشرات بل مئات الكتب وبألسنة عدة، ذكرنا عدداً من هذه التراجم، ونذكر منها أيضاً على سبيل المثال لا الحصر كتاب "دائرة المعارف" للبستاني[111]، و"موسوعة أعلام سورية في القرن العشرين" للبواب[112]، و"معجم المؤلفين" لكحالة[113]، و"معالم وأعلام" لقدامة[114]، وكتاب "من أعلام حمص" للتدمري[115]، "والحكومات السورية في القرن العشرين" لجمعة وظاظا[116]، وكتاب "معالم وأعلام من حمص الشام" للشيخاني وكاخيا[117]، وكتب "من هم في العالم العربي"[118]، و"من هو في سورية 1949"[119]، و"من هو في سورية 1951"[120] وهي لجورج فارس، و"الموسوعة التاريخية الجغرافية" للخوند[121]، و"تاريخ سوريا" لسلطان[122]، و"سورية: صراع الاستقطاب" للبزي[123]، والقاموس السياسي" لعطية الله[124]، وموسوعة بريتانيكا الشهيرة[125]، والموسوعة الأمريكية[126]، و"المورد" للبعلبكي[127]، وكتاب "المنجد"[128]، و Dictionary of Modern Arab History by Bidwell[129]، و Political Dictionary of the Arab Wrold by Shimoni[130]، و Historical Dictionary of Syria by Commins[131]، وInternational Who s Who[132]، وغيرهم عدد كبير لا يمكن حصرهم.
والجدير بالذكر أن والدة السيد هاشم الأتاسي هي الشريفة رقية آل السيد سليمان بنت محمد بن ابراهيم بن صالح بن السيد سليمان الأتاسي ووالدة بعض اخوته (خليل عبدالهادي ومظهر) كما ورد في ترجمة والده الشيخ العلامة خالد الأتاسي، وقد تزوج السيد هاشم الأتاسي من ابنة عمه السيدة وردشان بنت الشيخ المفتي عبداللطيف بن محمد الأتاسي رحمهم الله أجمعين.
صب الله على هاشم الأتاسي من سحائب رحمته، وأحسن عاقبته ومثواه، وطهر ترابه، وحشره مع الأنبياء والصديقين الأبرار، آمين.
هيثم رشاد كاخي- Çavuş
- عدد الرسائل : 115
العائلة التركمانية : oğuz Avşar
تاريخ التسجيل : 23/03/2008
رد: العلم هاشم اتاسي ح9
جزاك الله الخير ابن العم أبورشاد للموضوع الرائع
أبوبكر برق- Üsteğmen
- عدد الرسائل : 637
العمر : 56
الموقع : حمص - باباعمرو
العائلة التركمانية : oğuz Begdili
تاريخ التسجيل : 10/03/2008
مواضيع مماثلة
» العلم هاشم اتاسي ح1
» العلم هاشم اتاسي ح2
» العلم هاشم اتاسي ح3
» العلم هاشم اتاسي ح4
» العلم هاشم اتاسي ح5
» العلم هاشم اتاسي ح2
» العلم هاشم اتاسي ح3
» العلم هاشم اتاسي ح4
» العلم هاشم اتاسي ح5
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى