ناعورة حمص الحديدية القديمة ووالدة السلطان عبدالحميد
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
ناعورة حمص الحديدية القديمة ووالدة السلطان عبدالحميد
تكثر في حمص الأماكن والمواقع الأثرية وهي في غالبها معروفة ، ولكن قلائل هم الذين يعرفون أن مدينة حمص كانت تضم من الأوابد والآثار ناعورتين من أجمل النواعير التي عرفتها سوريا في القرون الماضية.
إحدى هاتين الناعورتين خشبية والأخرى حديدية، وإذا كانت الناعورة الأولى قد اندثرت تماماً فإن الناعورة الثانية ما زالت قائمة تعمل ، ولكن في بلدة جسر الشغور التي تبعد عن مدينة حمص أكثر من مائة كيلومتر بعدما نقلت من مكانها الأصلي الذي نصبت فيه في السوق الذي يحمل اسمها ويُعرف بها حتى الآن.
وقد صمم هذه الناعورة الحديدية الحمصي عمر الدالاتي الذي كان يعمل في مختلف المهن اليدوية الميكانيكية ، ومنها سكب المعادن ، وعرف بحبه وإتقانه لهذه المهنة ( صب الفونط والنحاس ) وتوفي في مقتبل عمره متأثراً بهذه المهنة عام 1933 .
وحول قصة هذه الناعورة وطريقة تصميمها يقول الحاج زكريا الدالاتي الابن الأكبر للراحل عمر الدالاتي :
ولد أبي في مدينة حمص عام 1889 ميلادية ، ومنذ نشأته اتجه إلى مزاولة مختلف الأعمال الإنشائية والمدنية ، ومن أعماله تصميم معمل للمياه الغازية ( الكازوز ) ، ومعمل الثلج على طريق الكورنيش في وقت كانت فيه المهن اليدوية كل شيء.
وكان قد تلقى خبرته الفنية والميكانيكية أثناء أدائه خدمته العسكرية في الجيش التركي في مدينة مرسين ، إذ عمل آنذاك ضابطا في صناعة الأسلحة تحت اسم (تفكجي).وعندما زارت والدة السلطان عبد الحميد الثاني مدينة حمص خطر ببالها ولدى استضافتها في قصر عبد الحميد باشا الدروبي أن تجعل لها ذكرى في مدينة خالد بن الوليد بإنشاء سبيل ماء.
وبعد إنشاء هذا السبيل اتضح أن المياه التي ترد إلى هذا السبيل بواسطة الناعورة القديمة الخشبية لم تعد كافية بسبب الأضرار التي لحقت بها ، لذلك تقرر إنشاء ناعورة حديثة من الحديد ، فقام رئيس بلدية حمص الباشا عاطف الأتاسي باستدعاء جدّي الأكبر الحاج حسين الدالاتي لأخذ رأيه في هذا الموضوع لكونه خبيراً في هذا المجال وعرض عليه فكرة إنشاء ناعورة حديدية بدلاً من الناعورة الخشبية البالية والتي كانت بالقرب من التكية المولوية بجانب التكية السلطانية وتسقي الجامع الكبير والتكية السلطانية.. وقد كلف الحاج حسين حفيده الأكبر عمر بن محمد علي الدالاتي الذي خلف جده في الأعمال الميكانيكية والفنية بإنشاء هذه الناعورة .
يضيف الحاج زكريا الدالاتي : قام والدي بإنشاء مكان الناعورة بالأعمال المدنية وإرساء قواعدها المتينة وبدأ العمل بتصميم الناعورة مطلع العام 1922 على نفقة بلدية حمص.. وصنعت أقسام الناعورة من الحديد الخالص حتى الدعائم الداخلية ، وكانت ( المضاجع ) من النحاس المسكوب ، أما محور الناعورة فكان من الفولاذ الخالص وعلب رفع الماء من الحديد الصاج . وقد بلغ طول القطر إثني عشر مترا وأكثر بعد الانتهاء من العمل وقبل التشغيل البدائي .
وجدير بالذكر أن عضائد وألواح الناعورة كانت تثبت بواسطة مسامير ( التبشيم ) إذ لم يكن لحام الكهرباء معروفاً وقتئذٍ ، وكانت هذه الناعورة مصممة على نمط برج إيفل ، حيث أنه أثناء وجوده في باريس أيام خدمته في الجيش التركي شاهد عظمة تصنيع برج إيفل وأخذ الفكرة ، فكانت الناعورة قمة الصناعة في ذلك العصر في حمص والمدن المجاورة لخامتها وبراعة تصميمها ، وظلت تعمل على طاقة المياه الواردة من ساقية ” الدبلان ” المتفرعة عن ساقية الري إلى أن قام مجموعة من العابثين بتهديمها ، وتم نقلها إلى الشمال الغربي من مدينة حمص ثم نقلت إلى جسر الشغور حيث ما زالت قائمة وقيد العمل هناك .
ويذكر أن عائلة الدالاتي هي من أصول تركمانية فعن د. يوسف نعيسة:
وكما يطلق على الجند منهم (دالاتي) وهي مشتقة كما ترى من أصل تركي (DELI) وكانت طائفة منهم قد إستخدمت أول مرة من قبل والي ورميلية في مطلع القرن العاشر الهجري 17 للميلاد ولكنها مالبث أن دب فيها الفساد وكانت أصولهم من الأناضول والكرواتيين والبوسنيين والصرب وعرف قائدهم بـ ( دالي باش ) وكان هؤلاء الكنج أو الأقانجي يعيشون على الغزو ولأن الدولة لم تمنحهم رواتب محددة بل كانوا يقومون بغاراتهم الحربية لتحقيق مجدهم الشخصي والمادي بما يكسبون من الغزو ولبس هؤلاء لباساً عجمياً وتعمدوا فيه إظهار غرابتهم تجاه العدو لإدخال الرعب إلى قلبه .
وربما كان العديد منهم قتلة في أوطانهم فروا من وجه العدالة ولجئوا للاحتماء والعمل لدى ولاة دمشق لهذا بقيت أخلاقهم على حالها وأصبحوا آفة المدينة والريف وإعتدوا على الجميع وكانوا يتجمعون في قرية ( رفتية ) غرب مدينة حمص ثم يأتون إلى والي دمشق ليعرضوا خدماتهم وعندما زاد جورهم أصدر أسعد باشا العظم أمراً بإبعادهم .
وقد حاول أحمد باشا إستخدامهم في ضرب جبل الدروز إلا أنهم تقاعسوا عن تنفيذ المهمه وأسرة الدالاتية في حمص كان لها المركز المرموق ومنهم العارف بالله الشيخ أحمد الطوظقلي شيخ الطريقة النقشبندية ومنهم من قام ببناء جامع الدالاتي وجامع الميدان.
تقبلوا تحياتي ومروري
عدل سابقا من قبل وسيم حجوك في السبت ديسمبر 06, 2008 1:02 pm عدل 1 مرات
وسيم حجوك- Üsteğmen
- عدد الرسائل : 617
العمر : 51
العائلة التركمانية : oğuz Begdili
تاريخ التسجيل : 11/03/2008
رد: ناعورة حمص الحديدية القديمة ووالدة السلطان عبدالحميد
مقالة رائعة مشكور عليها أخ وسيم
ما شاء الله دالاتي وآتاسي
البركة الله يحرسكن تركمان حمص
تقبل مروري
ما شاء الله دالاتي وآتاسي
البركة الله يحرسكن تركمان حمص
تقبل مروري
lonely wolf- Binbaşı
- عدد الرسائل : 1156
العمر : 41
العائلة التركمانية : oğuz Salur
تاريخ التسجيل : 15/03/2008
مواضيع مماثلة
» السلطان عبدالحميد الثاني
» السلطان عبدالحميد الثاني آخر السلاطين العثمانيين(ماذا يقول عن فلسطين)
» احدى مقالاتي القديمة عن العثمانيين
» آثار دولة الأيغورلار القديمة
» أكلات السلطان التركي
» السلطان عبدالحميد الثاني آخر السلاطين العثمانيين(ماذا يقول عن فلسطين)
» احدى مقالاتي القديمة عن العثمانيين
» آثار دولة الأيغورلار القديمة
» أكلات السلطان التركي
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى