المغول وجنكيز خان
4 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
المغول وجنكيز خان
يعرض التاريخ شخصية من الشخصيات التاريخية التي أثرت ليس فقط في المنطقة التي نشأت فيها وإنما أمتد تأثيرها إلى مناطق أخرى مختلفة، من بينها منطقتنا، وكان لها تأثيرها على التحولات التاريخية في الفترة التي عاشت فيها وهي شخصية جنكيز خان، في إطار تناوله للشخصية محور الكتاب يحاول المؤلف ي.إ. كيتشانوف أن يقدم لنا إطلالة واسعة على تاريخ المغول مجيباً على السؤال: من هم المغول؟ ومن أين جاؤوا؟ وهو سؤال يقرر أنه ليس بالسهل موضحاً أنهم ربما جاؤوا من المساحة التي تشغلها الآن جمهورية منغوليا الشعبية وفي تعريفه لكلمة مغول يشير إلى أن أصلها يحتمل عدة شروح كما ورد في الطبعة الاخيرة من كتاب تاريخ جمهورية منغوليا الشعبية، كما أن علم التاريخ الحديث حتى يومنا هذا لايملك تفسيراً موحداً لمعنى كلمة مغول مرجحاً أن يكون الاسم حسبما يشير كان يعني في البداية قبيلة واحدة أصبحت أسماً جامعاً يحمل في ثناياه الشعوب والقبائل المغولية كافة.
وتتباين التفسيرات التي تقدم لمعنى الكلمة بشكل كبير يصل في بعض الاحيان إلى حد التناقض فمثلاً بينما يعتقد أكاديمي روسي ـ ي. شميدت ـ عضو أكاديمية العلوم الروسية أن كلمة مغول تعني شجاعاً أو متفانياً أو غير هياب فإن ب. راتشيفسكي يرى في تفسير هذه الكلمة تقليلاً من الشأن فيورد كلمة مونغوو بمعنى كلمة غبي أو عبيط! ومما يذكره المؤلف في إطار استعراضه لصفاتهم وطبائعهم أن من القوانين التي تنظم الزواج لديهم هي أنه قبل دخول بيت الزوجية ينبغي على الخطيب العمل في بيت أهل خطيبته ثلاثة أعوام ليتعرف على خطيبته عن كثب وبانقضاء المدة تحمل أسرة العروس الزوجين ونصيبهما من الممتلكات على عربة مصحوبين بالرقص وضرب الطبول إلى بيت الزوج، ثم يتطرق المؤلف إلى هجرة المغول غرباً للاستيطان بالأراضي التي تقع عليها جمهورية منغوليا الشعبية الحديثة مشيراً إلى أنه يبدو جلياً أن الأسباب هي الحروب الداخلية وهجمات الجيران، ويشير إلى أن المصادر المغولية الحديثة الملتزمة بتقاليد التدوين البوذي تنسب سلالة جنكيز خان إلى التبت تلك الدولة التي جاءتهم منها الديانة البوذية، وفي تحديد لتاريخ الهجرة التي أشار إليها يوضح أن بداية حركة المغول إلى الغرب يحتمل أن تكون بدأت في منتصف القرن الثامن، ويرجع نسب جنكيز خان إلى بودونتشار الابن الاصغر لألان غوا والذي أصبح أبناؤه مؤسسين للقبائل المغولية، وقد كان للهجرة إلى الغرب نتيجتان مهمتان وهما أن المغول دخلوا في علاقة اتصال مباشر أكثر التصاقاً مع القبائل التركية وأصبحوا يمارسون الرعي المتنقل على السهوب والسهول الغابية، ثم ينتقل المؤلف إلى الحديث عن الدولة المغولية الأولى والتي يشير إلى أن تأسيسها يرجع إلى منتصف القرن الثاني عشر، وفي هذا السياق يعرض لسيرة جنكيز خان مشيراً إلى أن والده كان لديه العديد من الزوجات وأكبرهن ويلون والدة تيموتشجين، وقد ولد تيموتشجين «جنكيز خان» في وقت عاد فيه والده من إحدى غزواته المعتادة على التتار وعند رؤيته للمولود قابضاً عند ولادته نقطة الدم المتخثرة عد هذا بمثابة إشارة بالرسالة العليا الملقاة عليه في الحياة كمقاتل ومصيره في الحياة كفاتح ولهذا أطلق عليه الأعداء اسم الاسير، فيما يفترض بعض العلماء أن مدلول أسم تيموتشجين في اللغة المغولية القديمة يحمل معنى «الحداد» ورغم مايشير إليه المؤلف من صعوبة تحديد تاريخ ميلاد تيموتشجين جنكيز خان إلا أنه يرى أنه اتساق معي طريق جنكيز خان الصعب لتوحيد منغوليا واعتلائه العرش كخان لجميع المغول فإن التاريخ الاقرب احتمالاً هو عام1155، فيما يعد عام 1227 هو التاريخ المؤكد لوفاته حيث مات بعد دخوله في العام الثالث والسبعين من عمره.
ويشير المؤلف إلى أن أقرباء جنكيز خان كانوا من أقوى القبائل المغولية وهم التتار موضحاً ان التتار الحقيقيون كانوا يتكلمون بالمغولية مضيفاً أن ذكر التتار يرد لأول مرة في المدونات التركية في الاعوام 731ـ732ويذكر أنه في المصادر الصينية فإنه منذ عام 842وبالتحديد عرف التتار في عهد أسرة «لياو وتسيزين بالتسزويو» وترجع هذه التسمية إلى الكلمة المغولية «حيبا» ومعناها نوع من السهام وكانوا يعيشون في الأقاليم الواقعة بالقرب من بحيرات «بوير نور» و«كيولون نور» بين النهرين كيرولين وخينغان الأوسط وهي مناطق غنية بالفضة وتعد مناطق حدودية جنوبية شرقية على مشارف لياون وتسيزين وتقطنها القبائل الناطقة بالمغولية، وقد كان التتار أقوياء وجريئين إذا كان بينهم الوئام وليس الخصام إضافة إلى عددهم الكبير، ولم يكن باستطاعة القبائل الاخرى كالصينيين وغيرهم الصمود أمامهم.
ثم يتطرق المؤلف إلى شخصية جنكيز خان ذاتها والتي يشير إلى أن المؤلفين على مدار التاريخ أعادوا إنشاءها عارضاً لبعض الجوانب في مراحله الأولى، ومن ذلك مثلاً أنه كان في طفولته يخاف من الكلاب وكان ضعيفاً في بنيته مقارنة مع شقيقيه خاسار وبيكتير، ولقد نجا في شبابه بالهرب أكثر من مرة دون أن يرى في ذلك عارا.
لقد ورث جنكيز خان في الثالثة عشرة من عمره عرش أبيه ووجد نفسه ورث قطعة فقط من مساحة غير مضافة على نهر أونون لشخص يملك تلك الطبيعة الحربية، ولم يكن من السهل عليه الاقتناع بهذه الإمبراطورية الصغيرة إلى ذلك الحد وأخذ بطاقة بلا حدود في توسيع مملكته حتى بلغت مابلغته وأصبح مالكاً نصف العالم المعروف آنذاك.
ولقد كان الانتقام والقسوة، وفق أغلب الروايات، من سمات طبعه ويحددان مزاجه فأدخل الانتقام في تدرج سلم الدولة السياسي، حتى أن قسوته كانت من خصائص شخصيته التي وصلت إلى مصاف سياسته للدولة، وقد مارس بوعي متعمد الوسائل القاسية في إدارة الحرب التي كانت تعني الاستخدام العريض للاضطهاد، وكانت الإبادة الجماعية لسكان الكثير من المدن والقرى منهجاً معتمداً في إدارة الحرب، وفي ذلك يشير إلى رأي أحد دارسي شخصيته من أن جنكيز خان «دخل التاريخ كغاز لايعرف الرحمة وفي غزواته جلب الموت والدمار لعدد غير متناه من البشر وقضت غزواته على قيم ثقافية لايمكن استعادتها كاملة» مورداً تحفظاً مؤداه أنه «ليس من الحق الحكم على جنكيز خان انطلاقاً من مفاهيم عصرنا السامية، إن أفعاله أملتها قوانين السهول القاسية، تلك السهول التي لاتعرف الرأفة بالعدو، فأعماله دارت في المجال الحربي وفي نجاحاته فإنه ليس مديناً إلى موهبته الحربية بقدر حنكته السياسية وإمكاناته التنظيمية»، وإن كان رغم ذلك يشير إلى أن طريق جنكيز كان عبر الجثث، لقد كان جنكيز خان حسبما يذكر رجلاً شاذا في ذكائه وداهية وسياسياً محنكاً عالماً بالناس ونقاط ضعفهم ويعرف استخدام هذا الضعف لمصلحته.. وقد كان محباً للسلطة، وقد آمن وبإخلاص كامل من خلال لحظة غير محددة وتملكه إيمان تام بأن السلطة على كل العالم وتحديداً كل العالم مهداة إليه من قبل السماء الأزلية، كل من لايؤمن بهذه الفرضية عد متمرداً، وعلى ذلك فإن الحرب على هؤلاء المتمردين لم تكن مسوغة أخلاقياً فقط بل ضرورية، فلقد منح الخان من السماء الخالدة القوة والحماية وسميت نعمة الإمبراطور ب«سو» أي النعمة السماوية، وعلى جانب آخر يرى آخرون أنه لم يكن غازياً سافك دماء فحسب بل كان رجل دولة بارعاً، فلقد أسس الدولة المغولية مستخدماً الطرق التقليدية لأواسط آسيا صابغاً لها بصبغة مغولية محددة، وقد اقتبس من الجيران كل ماتبدى مهماً مثل الرسل والحكام ذوي البطاقات، نظام خدمة البريد، النظام الأولي الحازم لتقسيم السكان وربطهم بأماكن عملهم وسكنهم، كل هذه النظم تم إدخالها في عهد جنكيز خان، ويذكر المؤلف أن جنكيز خان كان يؤمن بالسحر والشعوذة والتنجيم والفال والطيرة، وقد احتك بالديانات العالمية الثلاث كالمسيحية والإسلام والبوذية ولكن لم يبد أي اهتمام نحو أي منها، وإن كان هذا الرأي موضع شك في ضوء الروايات التي تشير إلى إسلام التتار وبينهم جنكيز خان.
وكأي شخصية تاريخية يسود الخلاف بشأنها فإن البعض في إطار الرؤى المختلفة التي يعرض لها المؤلف بشأن شخصية جنكيز خان يرى أن مصادر إنتصاراته لم تكن في موهبته كرجل دولة سياسي وقائد عسكري أو في المهارة العسكرية لقواده أو المهن العسكرية لجنوده، وإنما تكمن في الضعف الموضوعي لأعدائه، وفي ذلك الوضع السياسي الذي نشأ في آسيا في بداية القرن الثالث عشر.
ويورد المؤلف هنا تفصيلات لأحداث تاريخية عدة تؤيد وجهة النظر هذه وتشير بشكل عام إلى أن الوضع السياسي في الثلث الأول من القرن الثالث عشر كان ملائماً لصالح المغول مما وفر لهم فرصة ملائمة.. فالأويغوريون والترك استسلموا طواعية لجنكيز خان، كما عانت دولة الصين من مشكلات داخلية جسيمة وتجرعت كثيراً من الهزائم الخارجية من دولة خوارزم شاه وتم الاستيلاء على العرش من قبل النايمان بقيادة كوتشلوك، ويضيف المؤلف ان الترصد القاسي للمسلمين تسبب في موجة عارمة من عدم الرضا وأدى إلى إنتصار المغول ومقتل كوتشلوك واندثار تلك الدولة التي كان يرأسها، وكان العامل الأكبر في كل ذلك الإرهاب الجماعي الذي حطم معنويات الخصوم وينقل المؤلف هنا رواية عن ابن الأثير يحكي فيها بكل امتعاض عن حوادث عديدة وغير عادية عن تغلب الخوف عند ملاقاة التتار المغول، ولكن المؤلف يرفض القبول بوجهة النظر السابقة تماماً مشيراً إلى دور الشخصية في التاريخ ليس بالمسألة البسيطة متسائلاً: لماذا تم صعود المغول على يد جنكيز خان؟موضحاً أنه تخطى خصومه الحكام الحقيقيين لمنغوليا كافة بفضل صفاته الشخصية التي جعلها تروق لكل من شكل قوة حقيقية ومن ثم أخضعهم لإرادته وانتقلوا للخدمة تحت إمرته وتحقيق مشيئته، وفي هذه الحالة لعبت شخصية جنكيز خان الدور الفعال بغض النظر عن تقييمنا لها من منظور أيامنا الحالية.
وهنا يقرر أنه من المحتمل أن الشيء الأساسي لم يكمن في أن تيموتشجن «جنكيز خان» بكل صدق ومسئولية في الرسالة كمختار من قبل السماء، بل في أنه تمكن من الإيحاء بهذا الإيمان للآخرين، كما أختلف الكل في شأن حياته فقد أختلفوا كذلك في شأن وفاته حيث يذكر البعض أنه مات بسبب المرض حدده بعضهم بالملاريا، فيما حدده البعض الآخر بأن سبب مرض جنكيز خان وموته كان من الممكن ان يكون سقوطه من على ظهر الحصان في وقت صيد العير الوحشي، فيما كتب آخرون عن أن السبب كان الجروح القديمة التي أصيب بها في أثناء الحرب مع تسزين، بل يقرر آخرون بثقة أنه قتلته صاعقة.. وهكذا تظل ملابسات موته غير واضحة وإن كان ذلك لايمنع المؤلف من أن يقرر أن وفاته كانت في بداية الخريف أو في نهاية الصيف من عام 1227 على أراضي الدولة التانغوتية سي سيا مباشرة عقب أو بعد وقت قليل من سقوط عاصمة سي سيا مدينة تشجونسين وأسر آخر حاكم تانغوتي وسحق دولة التانغوت، حيث ينتصب الآن ضريح عظيم له وأقيم له تمثال ضخم من حجر أبيض، وقد جمع المغول رفاته وتوجهوا في طريق العودة حيث أبادوا كل ماهو حي وقع بأيديهم إلى أن أوصلوا الرفات إلى مقر جنكيز خان وأبنائه.. كل أبناء القيصر ونسائه والأمراء والذين كانوا على مقربة تجمعوا وناحوا عليه
وتتباين التفسيرات التي تقدم لمعنى الكلمة بشكل كبير يصل في بعض الاحيان إلى حد التناقض فمثلاً بينما يعتقد أكاديمي روسي ـ ي. شميدت ـ عضو أكاديمية العلوم الروسية أن كلمة مغول تعني شجاعاً أو متفانياً أو غير هياب فإن ب. راتشيفسكي يرى في تفسير هذه الكلمة تقليلاً من الشأن فيورد كلمة مونغوو بمعنى كلمة غبي أو عبيط! ومما يذكره المؤلف في إطار استعراضه لصفاتهم وطبائعهم أن من القوانين التي تنظم الزواج لديهم هي أنه قبل دخول بيت الزوجية ينبغي على الخطيب العمل في بيت أهل خطيبته ثلاثة أعوام ليتعرف على خطيبته عن كثب وبانقضاء المدة تحمل أسرة العروس الزوجين ونصيبهما من الممتلكات على عربة مصحوبين بالرقص وضرب الطبول إلى بيت الزوج، ثم يتطرق المؤلف إلى هجرة المغول غرباً للاستيطان بالأراضي التي تقع عليها جمهورية منغوليا الشعبية الحديثة مشيراً إلى أنه يبدو جلياً أن الأسباب هي الحروب الداخلية وهجمات الجيران، ويشير إلى أن المصادر المغولية الحديثة الملتزمة بتقاليد التدوين البوذي تنسب سلالة جنكيز خان إلى التبت تلك الدولة التي جاءتهم منها الديانة البوذية، وفي تحديد لتاريخ الهجرة التي أشار إليها يوضح أن بداية حركة المغول إلى الغرب يحتمل أن تكون بدأت في منتصف القرن الثامن، ويرجع نسب جنكيز خان إلى بودونتشار الابن الاصغر لألان غوا والذي أصبح أبناؤه مؤسسين للقبائل المغولية، وقد كان للهجرة إلى الغرب نتيجتان مهمتان وهما أن المغول دخلوا في علاقة اتصال مباشر أكثر التصاقاً مع القبائل التركية وأصبحوا يمارسون الرعي المتنقل على السهوب والسهول الغابية، ثم ينتقل المؤلف إلى الحديث عن الدولة المغولية الأولى والتي يشير إلى أن تأسيسها يرجع إلى منتصف القرن الثاني عشر، وفي هذا السياق يعرض لسيرة جنكيز خان مشيراً إلى أن والده كان لديه العديد من الزوجات وأكبرهن ويلون والدة تيموتشجين، وقد ولد تيموتشجين «جنكيز خان» في وقت عاد فيه والده من إحدى غزواته المعتادة على التتار وعند رؤيته للمولود قابضاً عند ولادته نقطة الدم المتخثرة عد هذا بمثابة إشارة بالرسالة العليا الملقاة عليه في الحياة كمقاتل ومصيره في الحياة كفاتح ولهذا أطلق عليه الأعداء اسم الاسير، فيما يفترض بعض العلماء أن مدلول أسم تيموتشجين في اللغة المغولية القديمة يحمل معنى «الحداد» ورغم مايشير إليه المؤلف من صعوبة تحديد تاريخ ميلاد تيموتشجين جنكيز خان إلا أنه يرى أنه اتساق معي طريق جنكيز خان الصعب لتوحيد منغوليا واعتلائه العرش كخان لجميع المغول فإن التاريخ الاقرب احتمالاً هو عام1155، فيما يعد عام 1227 هو التاريخ المؤكد لوفاته حيث مات بعد دخوله في العام الثالث والسبعين من عمره.
ويشير المؤلف إلى أن أقرباء جنكيز خان كانوا من أقوى القبائل المغولية وهم التتار موضحاً ان التتار الحقيقيون كانوا يتكلمون بالمغولية مضيفاً أن ذكر التتار يرد لأول مرة في المدونات التركية في الاعوام 731ـ732ويذكر أنه في المصادر الصينية فإنه منذ عام 842وبالتحديد عرف التتار في عهد أسرة «لياو وتسيزين بالتسزويو» وترجع هذه التسمية إلى الكلمة المغولية «حيبا» ومعناها نوع من السهام وكانوا يعيشون في الأقاليم الواقعة بالقرب من بحيرات «بوير نور» و«كيولون نور» بين النهرين كيرولين وخينغان الأوسط وهي مناطق غنية بالفضة وتعد مناطق حدودية جنوبية شرقية على مشارف لياون وتسيزين وتقطنها القبائل الناطقة بالمغولية، وقد كان التتار أقوياء وجريئين إذا كان بينهم الوئام وليس الخصام إضافة إلى عددهم الكبير، ولم يكن باستطاعة القبائل الاخرى كالصينيين وغيرهم الصمود أمامهم.
ثم يتطرق المؤلف إلى شخصية جنكيز خان ذاتها والتي يشير إلى أن المؤلفين على مدار التاريخ أعادوا إنشاءها عارضاً لبعض الجوانب في مراحله الأولى، ومن ذلك مثلاً أنه كان في طفولته يخاف من الكلاب وكان ضعيفاً في بنيته مقارنة مع شقيقيه خاسار وبيكتير، ولقد نجا في شبابه بالهرب أكثر من مرة دون أن يرى في ذلك عارا.
لقد ورث جنكيز خان في الثالثة عشرة من عمره عرش أبيه ووجد نفسه ورث قطعة فقط من مساحة غير مضافة على نهر أونون لشخص يملك تلك الطبيعة الحربية، ولم يكن من السهل عليه الاقتناع بهذه الإمبراطورية الصغيرة إلى ذلك الحد وأخذ بطاقة بلا حدود في توسيع مملكته حتى بلغت مابلغته وأصبح مالكاً نصف العالم المعروف آنذاك.
ولقد كان الانتقام والقسوة، وفق أغلب الروايات، من سمات طبعه ويحددان مزاجه فأدخل الانتقام في تدرج سلم الدولة السياسي، حتى أن قسوته كانت من خصائص شخصيته التي وصلت إلى مصاف سياسته للدولة، وقد مارس بوعي متعمد الوسائل القاسية في إدارة الحرب التي كانت تعني الاستخدام العريض للاضطهاد، وكانت الإبادة الجماعية لسكان الكثير من المدن والقرى منهجاً معتمداً في إدارة الحرب، وفي ذلك يشير إلى رأي أحد دارسي شخصيته من أن جنكيز خان «دخل التاريخ كغاز لايعرف الرحمة وفي غزواته جلب الموت والدمار لعدد غير متناه من البشر وقضت غزواته على قيم ثقافية لايمكن استعادتها كاملة» مورداً تحفظاً مؤداه أنه «ليس من الحق الحكم على جنكيز خان انطلاقاً من مفاهيم عصرنا السامية، إن أفعاله أملتها قوانين السهول القاسية، تلك السهول التي لاتعرف الرأفة بالعدو، فأعماله دارت في المجال الحربي وفي نجاحاته فإنه ليس مديناً إلى موهبته الحربية بقدر حنكته السياسية وإمكاناته التنظيمية»، وإن كان رغم ذلك يشير إلى أن طريق جنكيز كان عبر الجثث، لقد كان جنكيز خان حسبما يذكر رجلاً شاذا في ذكائه وداهية وسياسياً محنكاً عالماً بالناس ونقاط ضعفهم ويعرف استخدام هذا الضعف لمصلحته.. وقد كان محباً للسلطة، وقد آمن وبإخلاص كامل من خلال لحظة غير محددة وتملكه إيمان تام بأن السلطة على كل العالم وتحديداً كل العالم مهداة إليه من قبل السماء الأزلية، كل من لايؤمن بهذه الفرضية عد متمرداً، وعلى ذلك فإن الحرب على هؤلاء المتمردين لم تكن مسوغة أخلاقياً فقط بل ضرورية، فلقد منح الخان من السماء الخالدة القوة والحماية وسميت نعمة الإمبراطور ب«سو» أي النعمة السماوية، وعلى جانب آخر يرى آخرون أنه لم يكن غازياً سافك دماء فحسب بل كان رجل دولة بارعاً، فلقد أسس الدولة المغولية مستخدماً الطرق التقليدية لأواسط آسيا صابغاً لها بصبغة مغولية محددة، وقد اقتبس من الجيران كل ماتبدى مهماً مثل الرسل والحكام ذوي البطاقات، نظام خدمة البريد، النظام الأولي الحازم لتقسيم السكان وربطهم بأماكن عملهم وسكنهم، كل هذه النظم تم إدخالها في عهد جنكيز خان، ويذكر المؤلف أن جنكيز خان كان يؤمن بالسحر والشعوذة والتنجيم والفال والطيرة، وقد احتك بالديانات العالمية الثلاث كالمسيحية والإسلام والبوذية ولكن لم يبد أي اهتمام نحو أي منها، وإن كان هذا الرأي موضع شك في ضوء الروايات التي تشير إلى إسلام التتار وبينهم جنكيز خان.
وكأي شخصية تاريخية يسود الخلاف بشأنها فإن البعض في إطار الرؤى المختلفة التي يعرض لها المؤلف بشأن شخصية جنكيز خان يرى أن مصادر إنتصاراته لم تكن في موهبته كرجل دولة سياسي وقائد عسكري أو في المهارة العسكرية لقواده أو المهن العسكرية لجنوده، وإنما تكمن في الضعف الموضوعي لأعدائه، وفي ذلك الوضع السياسي الذي نشأ في آسيا في بداية القرن الثالث عشر.
ويورد المؤلف هنا تفصيلات لأحداث تاريخية عدة تؤيد وجهة النظر هذه وتشير بشكل عام إلى أن الوضع السياسي في الثلث الأول من القرن الثالث عشر كان ملائماً لصالح المغول مما وفر لهم فرصة ملائمة.. فالأويغوريون والترك استسلموا طواعية لجنكيز خان، كما عانت دولة الصين من مشكلات داخلية جسيمة وتجرعت كثيراً من الهزائم الخارجية من دولة خوارزم شاه وتم الاستيلاء على العرش من قبل النايمان بقيادة كوتشلوك، ويضيف المؤلف ان الترصد القاسي للمسلمين تسبب في موجة عارمة من عدم الرضا وأدى إلى إنتصار المغول ومقتل كوتشلوك واندثار تلك الدولة التي كان يرأسها، وكان العامل الأكبر في كل ذلك الإرهاب الجماعي الذي حطم معنويات الخصوم وينقل المؤلف هنا رواية عن ابن الأثير يحكي فيها بكل امتعاض عن حوادث عديدة وغير عادية عن تغلب الخوف عند ملاقاة التتار المغول، ولكن المؤلف يرفض القبول بوجهة النظر السابقة تماماً مشيراً إلى دور الشخصية في التاريخ ليس بالمسألة البسيطة متسائلاً: لماذا تم صعود المغول على يد جنكيز خان؟موضحاً أنه تخطى خصومه الحكام الحقيقيين لمنغوليا كافة بفضل صفاته الشخصية التي جعلها تروق لكل من شكل قوة حقيقية ومن ثم أخضعهم لإرادته وانتقلوا للخدمة تحت إمرته وتحقيق مشيئته، وفي هذه الحالة لعبت شخصية جنكيز خان الدور الفعال بغض النظر عن تقييمنا لها من منظور أيامنا الحالية.
وهنا يقرر أنه من المحتمل أن الشيء الأساسي لم يكمن في أن تيموتشجن «جنكيز خان» بكل صدق ومسئولية في الرسالة كمختار من قبل السماء، بل في أنه تمكن من الإيحاء بهذا الإيمان للآخرين، كما أختلف الكل في شأن حياته فقد أختلفوا كذلك في شأن وفاته حيث يذكر البعض أنه مات بسبب المرض حدده بعضهم بالملاريا، فيما حدده البعض الآخر بأن سبب مرض جنكيز خان وموته كان من الممكن ان يكون سقوطه من على ظهر الحصان في وقت صيد العير الوحشي، فيما كتب آخرون عن أن السبب كان الجروح القديمة التي أصيب بها في أثناء الحرب مع تسزين، بل يقرر آخرون بثقة أنه قتلته صاعقة.. وهكذا تظل ملابسات موته غير واضحة وإن كان ذلك لايمنع المؤلف من أن يقرر أن وفاته كانت في بداية الخريف أو في نهاية الصيف من عام 1227 على أراضي الدولة التانغوتية سي سيا مباشرة عقب أو بعد وقت قليل من سقوط عاصمة سي سيا مدينة تشجونسين وأسر آخر حاكم تانغوتي وسحق دولة التانغوت، حيث ينتصب الآن ضريح عظيم له وأقيم له تمثال ضخم من حجر أبيض، وقد جمع المغول رفاته وتوجهوا في طريق العودة حيث أبادوا كل ماهو حي وقع بأيديهم إلى أن أوصلوا الرفات إلى مقر جنكيز خان وأبنائه.. كل أبناء القيصر ونسائه والأمراء والذين كانوا على مقربة تجمعوا وناحوا عليه
GOKHAN- Üst çavuş
- عدد الرسائل : 180
العائلة التركمانية : oğuz Avşar
تاريخ التسجيل : 19/03/2008
رد: المغول وجنكيز خان
رائع للغاية أخي كوكهان
تقبل مروري
تقبل مروري
lonely wolf- Binbaşı
- عدد الرسائل : 1156
العمر : 41
العائلة التركمانية : oğuz Salur
تاريخ التسجيل : 15/03/2008
رد: المغول وجنكيز خان
"هكذا تورد الإبل "
ممتاز كوكهان
ممتاز كوكهان
أبوبكر برق- Üsteğmen
- عدد الرسائل : 637
العمر : 56
الموقع : حمص - باباعمرو
العائلة التركمانية : oğuz Begdili
تاريخ التسجيل : 10/03/2008
رد: المغول وجنكيز خان
فعلا انك كوكهان
فعلا انك نجم كبير
فعلا انك نجم كبير
Orhan ALPARSLAN- Çavuş
- عدد الرسائل : 110
العائلة التركمانية : oğuz Avşar
تاريخ التسجيل : 27/05/2008
مواضيع مماثلة
» من هم المغول؟؟
» التتر وعلاقتهم مع المغول
» دولة المغول في الهند
» أشهر قادة المغول
» المغول الكبار في الهند
» التتر وعلاقتهم مع المغول
» دولة المغول في الهند
» أشهر قادة المغول
» المغول الكبار في الهند
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى