سور دمشق

يعد سور مدينة دمشق من اهم المعالم الاثرية فيها ويضم قلعة دمشق وابوابها السبعة وبرجى نور الدين والصالح ايوب ويعود تاريخ انشاء هذا السور الى العهد الارامى ثم اليونانى وبعده الروماني. يبلغ طول السور 1500 متر وعرضه 750 مترا ويحتوى على مساحة تقدر بمئة هكتار مقسمة الى جزر مستطيلة مفصولة بشوارع تتجه من الشمال الى الجنوب ومن الشرق الى الغرب وضم السور الرومانى سبعة ابواب هى باب السلام ..الباب الشرقى.. باب توما.. باب الفراديس.. باب الجابية.. الباب الصغير.. وباب كيسان.

ويختلف السور الرومانى عن السور الحالى الذى رمم عدة مرات على مر العصور وتم توسيعه ليكون متفقا مع اتساع المدينة وجعلوه يحاذى مجرى نهر بردى الاصلى بدلا من نهر عقربا الذى لم يعد يحاذيه الا بعد باب السلام ثم اتى المماليك والعثمانيون وقاموا بتدعيم ما تداعى من منشاته.

وتبين المراحل التاريخية التى تم فيها بناء الاقسام المتبقية من السور ان صفوف احجاره السفلية الضخمة التى اخذت من السور القديم يعود عهدها الى ماقبل القرن الثانى عشر وصفوف الاحجار التى تليها الى زمن نور الدين الزنكى فى العهد الايوبى اما مداميك الاحجار غير المنحوتة العلوية فقد وضعت بالعهد العثمانى ومن اهم معالم سور دمشق برج نور الدين وبرج الصالح ايوب وقلعة دمشق وابواب السور ويقع برج نور الدين فى الطرف الجنوبى الغربى من سور المدينة ويبلغ ارتفاعه عشرة امتار بناه نور الدين الزنكى سنة 654 ه 1256 م له قاعدة مربعة احجاره مبنية من احجار قديمة اخذت من سور المدينة القديم ويلاحظ ان صفوفها السفلية اكبر من العلوية التى جددت زمن الملك الناصر قلاوون وبرج الملك الصالح ايوب ويقع الى الزاوية الشمالية الشرقية من المدينة وسمى باسمه حيث انشأه عام 646 ه 1248 ميلادى وهو نموذج للابراج الايوبية الدمشقية.

وتمتاز مدينة دمشق بقلعتها التى تحتل فى الذاكرة ماتستحقه من دور تاريخى عبر مراحل الزمن المختلفة اذ انها بتحصيناتها ودورها السكنية ومبانيها وجوامعها وحماماتها تعتبر من اقدم واجمل قلاع الدنيا.

بدىء ببناء القلعة بعد عام من دخول الامير اتزين اوق الخوارزمى التركمانى الى دمشق الذى انتزعها من ايدى الفاطميين سنة 469 ه 1076م واعلن فيها سلطة السلاجقة ثم اكمل البناء فى زمن الامير السلجوقى تتش الذى كان اول من اقام فيها وفى عام 599 ه 1202 هدمها الملك العادل ابو بكر الايوبى

وبدأ ببناء قلعة ايوبية هو وخليفته صلاح الدين الايوبى كانت اكثر تطورا وذلك عام 615 ه 1218 ميلادى وهى متقدمة قليلا عن الخط الدفاعى للقلعة القديمة التى تبلغ مساحتها نحو 33176 مترا مربعا. والقلعة ذات شكل مستطيل طولها 240 ضرب 250 مترا وعرضها 170 ضرب 165 مترا يحيطها سور منيع له ابراج مربعة ضخمة عددها 12 برجا يبتعد كل منها عن الاخر 30 مترا واربعة ابواب هى باب الحديد فى الشمال وكان له جسر فوق بردى والباب الشرقى الرئيس وهو باب جسر الخندق

ويفتح عند سوق ابن ابى عصرون فى العصرونية وبابان سريان احدهما عند السنجقدار وكان ممرا للسلاطين والامراء وهو الباب الغربى او باب السر والاخر باب السر الجنوبى مقابل دار السعادة المغطى حاليا بمبانى سوق الحميدية وكانت تتصل ببعضها باسوار مرتفعة سماكتها 140 مترا وكان فى جنوبها الغربى قصر لم يبق منه الا الحجرات المتتابعة المسقوفة بالقباب وقد رممت بعض حصون القلعة واسوارها واعيد انشاؤها عدة مرات منذ بنائها حتى اول القرن السادس حيث جدد الملك الظاهر بيبرس عدة حصون فى شمالها وجنوبها واصلح السلطان قلاوون بعض ابراجها الشرقية والقصر الملكى وعمل ابنه الناصر ومن بعده نوروز الحفيظى وقانصوه الغورى ايضا فى اصلاح عدة مواضع فى السور والابراج.

وتتميز ابراج القلعة بشكلها المربع والمزود بعدد كبير من المرامى والرواش وهى تبرز بروزا كبيرا يبلغ احيانا 15 مترا فى البرج الاول وترتفع فى طوابق ثلاثة ما يزيد عدد مراميها ويبلغ عددها الاربعين احيانا فى البرج الواحد وتصل الى الطوابق بممرات وادراج داخل البرج ويبلغ ارتفاع البرج 5ر24 مترا وعرضه 20 ضرب 24 مترا او 30 ضرب 15 وهى بذلك تحتوى على اضخم الابراج المعروفة فى قلاع العالم.

واما عن مخطط القلعة القديمة فانها كانت محاطة بخندق عميق يملا بماء بردى المجاور اثناء الحصار وقد استمر السلاجقة والايوبيون فى استثماره والاعتناء به ويتركز فى كل زاوية من زوايا القلعة برج كما يوجد برجان فى الواجهة الشرقية وثلاثة ابراج فى الواجهتين الشمالية والجنوبية ويصل بين الابراج جدران سميكة تسمى البدنات تتالف من طابقين تنتهى فى اعلاها بستائر مزودة بشراقات ذات مرام صغيرة.

وخلف الابراج والبدنات يوجد ممر مسقوف يسمى الممر الدفاعى يؤمن الاتصال بين جهات القلعة الاربع. اما تزويد القلعة بالمياه فقد تم جر مياه بانياس النظيفة الى داخل القلعة من خلال قناة تحت الارض تدخل من الجهة الغربية وتتوزع على الحمامات والدور والمسجد والبرك بالاضافة الى ماء النهر كما اكدت مصادر تاريخية وجود ابار احتياطية داخل القلعة لاستخدامها فى حال قطع المحاصرون ماء النهر عنها.

وكل من يطلع على خارطة القلعة الخارجية يجد انها محاطة باسواق وخانات ومدارس ومستشفيات وجوامع ومقامات وطواحين وابواب منها سوق الحميدية وباب النصر وسوق الحريقة وباب الجابية وخان اسعد باشا العظم وقصره والمدرسة النورية وقهوة النوفرة والمدرسة الشميساطية والمدرسة الجقمقية ومقام صلاح الدين الايوبى والمدرسة العادلية والمدرسة الظاهرية ثم طاحونة باب الفرج وباب الفراديس وبيمارستان النوري.

ان موقع مدينة دمشق الهام على الطرق العالمية والحضارات المتعاقبة التى مرت عليها عبر العصور واسمها الذى ذكر فى الكتب المقدسة والوثائق التاريخية بمختلف اللغات القديمة والحديثة وثرواتها وغوطتها وقاسيونها واهلها الطيبين يجعلها كلها وليس قلعتها فقط قلعة منيعة للذين يضمرون سوءا لها او يعلنون.