في ذكرى التحرير - معركة ميسلون -
3 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
في ذكرى التحرير - معركة ميسلون -
البدايات :
كانت الجيوش الفرنسية تتحشد على الحدود السورية- اللبنانية، وبدأت الصحافة تعبّئ الجماهير وتحرضها، فقامت المظاهرات تندد بالاستعمار في المدن السورية، وفي 11 تموز عام 1920 أعلم الجنرال غورو "قائد الجيوش الفرنسية" نوري السعيد موفد الملك فيصل، بأنه أعدّ إنذاراً رسمياً، وبأنه لن يسمح لفيصل بالسفر إلى أوربا ما لم يقبل هذه الشروط التي أطلق عليها "إنذار غورو".
وتقدمت الجيوش الفرنسية في 12 تموز واحتلت محطة "رياق"، وأثارت هذه الأخبار هياجاً كبيراً في دمشق، وفي المحافل الحكومية، وبين جماهير الشعب. وعلى إثر ذلك عقد الملك فيصل مجلساً حضره كبار الزعماء ووزير الحربية، وقابل ممثلي الأحزاب السياسية في العاصمة، واستدعى القطعات العسكرية، وعقد اجتماعاً شعبياً حثّ فيه على مقاومة الجيوش الفرنسية.
وفي 13 تموز أعلنت الحكومة من على منبر المؤتمر السوري العام إلى الأمة والعالم بياناً تشرح ما يجري على الواقع. وفي 14 تموز وصل إنذار غورو إلى فيصل على شكل مذكّرة.
الاستعدادات العسكرية :
على الرغم من أن الحكومة طلبت من يوسف العظمة إصدار بلاغات رسمية عن التحركات العسكرية، إلا أن العظمة قام بالترتيبات العسكرية، وشكل جبهة "مجدل عنجر" وأودعها لقيادة الأمير "زيد"، وعيّن لرئاسة أركان جيشها ياسين الهاشمي.
وأجمعت آراء العسكريين والسياسيين آنذاك على أن هذا الجيش لا يصمد أمام العدو أكثر من ساعتين، لأن الفرنسيين أتوا بقوة كبيرة.
قال ساطع الحصري: "رأيت من واجبي أن أصارح يوسف العظمة بالأمر. فأجابني العظمة بالتركية بأنه كان يبلف ليخدع الفرنسيين". وجاء في كتاب "أوراق فارس الخوري" الصادر عام 1997: "في ذلك الحين، كان خبراء الحرب يجمعون على القول إننا لن نستطيع الوقوف في وجه القوات الفرنسية أربعاً وعشرين ساعة، لنقص كبير في جيشنا وسلاحنا وذخيرتنا.. إلا أن العظمة رئيس أركان حرب الجيش الذي كان يعارضهم جميعاً كان له رأي آخر.
أخذت الجيوش الفرنسية في صباح الحادي والعشرين من تموز تتقدم من "شتورا وزحلة نحو مجدل عنجر، ودخلت وادي الحرير"، ثم اتجهت نحو العاصمة دون أن تصادف أية مقاومة بسبب تسريح الجيش السوري. وفُتِح باب التطوع، فبلغ عدد المتطوعين عشرة آلاف مواطن خلال أيام.
وقبل انطلاق يوسف العظمة إلى ميسلون، ودّع ساطع الحصري وقال له: "إني أترك ابنتي الوحيدة ليلى أمانة في أعناقكم"! وانطلق بصحبته "ياسين الجابي" إلى القصر الملكي، ليستأذن الملك في ذهابه إلى ميسلون. قال: أتيت لأتلقى أوامر جلالتكم. فأجابه الملك: بارك الله فيك إذاً أنت مسافر إلى ميسلون".
**** يوسف العظمة ليتولّى قيادة الجبهة في ميسلون. وفي ليلة 23 تموز كان يبدو ممتقع الوجه، ولامه البعض على ادعائه بقدرة الجيش على مقاومة الفرنسيين، لكنه اعترف أنه مذنب ويتحمل تبعة عمله.
يتساءل الروائي المرحوم فارس زرزور في كتابه "معارك الحرية في سورية" الصادر عام 1962: هل كان يوسف العظمة ينتظر وصول نجدات من ثورات الساحل والشمال؟ أم كان ينتظر ثورة داخلية تعهد بأن يقدم إليها السلاح والمعدات؟
المعركة الحاسمة صباح 24 تموز 1920 :
فجر يوم 24 تموز بدأت المعركة، وقبل الساعة العاشرة انكسر الجيش، واختُرقت الجبهة، واستشهد يوسف العظمة.
تقول "خيرية قاسمية": "إن عملية الاشتباك التي شاركت فيها الطائرات الفرنسية والدبابات والبنادق الثقيلة، لم تستغرق أكثر من ساعات، ففشلت الخطة التي وضعها العظمة، ولم تنفجر الألغام عند "عقبة الطين" قرب مدخل "وادي القرن"، كما تأخرت العملية المرسومة للالتفاف ومباغتة الفرنسيين، ونفدت ذخيرة الرشاشات، وأخطأ في جعل قيادته في الخطوط الأمامية. ومع ذلك فقد كانت الإصابات الفرنسية أكثر مما كان متوقعاً، ولكن الإصابات العربية كانت أكثر، ومن بينهم يوسف العظمة الذي سقط شهيداً".
إن المقارنة بين الجيوش الفرنسية والقوات العربية فيها من المفارقة أكثر بكثير من الحسابات الميدانية المبالغ فيها، تكاد أن تكون ضرباً من المستحيل، ومع ذلك فقد ضرب البطل يوسف العظمة المثل الأعلى في البطولة والشهادة والفداء، وشق الطريق التحرري بروحه ودمه وأرواح ودماء رجاله الأبطال، وكل رجال وأبطال الثورة السورية بعد ذلك إلى النصر والاستقلال الوطني وجلاء القوات الأجنبية عن أرض الوطن في 17 نيسان عام 1946.
لقد صوّر الشاعر خير الدين الزركلي وحشية الفرنسيين في معركة ميسلون، ووصف تلك الساعات الحرجة من حياة أمة صغيرة مدت يدها إلى الحلفاء صادقة، فأعطوها المواثيق باليمين، ورموها بالنار بالشمال. قال الشاعر عن المعركة غير المتكافئة:
الله للحدثانِ كيف تكيد
بردى يغيضُ وقاسيونُ يميدُ
وفواجعُ المَلَوَيْن ما لجماحِها
كبحٌ ولا لجراحها تضميد
لَهْفي على وطن يجوس خلالهُ
وطني، ولا يتصدَّعُ الجلمودُ
شرُّ البليةِ والبلايا جمَّةٌ
أن تستبيحَ حمى الكرامِ عبيدُ
تباين التقديرات :
اختلفت المصادر العربية والفرنسية حول تقرير عدد القوات العربية التي اشتركت في معركة ميسلون، ويذكر "جميل البرهاني" أنها كانت 2300 مجنّد، بينما يذكر "تحسين الفقير" رقماً آخر يقدر بـ 674 من الجنود النظاميين. وجاء في مذكرات فيصل إلى لويد جورج بأن العدد كان 2000 من السوريين مع مئتين من البدو اشتركوا في المعركة.
ويقول الريحاني إن يوسف العظمة **** بـ4000 جندي و100 هجان، وتبعهم جيش من الأهالي والعربان ما بين 4 و5 آلاف. وقدّر إحسان هندي في دراسة له عن ميسلون أن العدد 3000 تقريباً بين مدني وعسكري.
ويذكر غورو في تقريره أن المعركة كانت حامية، ودامت ثماني ساعات، وكان استعمال المدفعية يكاد يكون مستحيلاً في الأرض الوعرة، لكن الدبابات والطائرات والرشاشات قصفت كأنها في معركة من الحرب العالمية، وكان لها الدور الكبير في النصر، وانتهت المعركة الساعة الواحدة والنصف بعد الظهر بهزيمة الأعداء الذين خسروا خسارة كبيرة.
وحدد القنصل البريطاني في بيروت الخسائر بألفين بين قتيل وجريح ومفقود بالنسبة للسوريين، و800 بالنسبة للفرنسيين. أما فيصل فيحددها بـ1500 رجل، ويحددها هندي بناء على آراء القادة السوريين بـ400 قتيل وأسر 125-150 شخصاً. وجاء في "الكتاب الذهبي لجيش الشرق"، وهو أحد المصادر الفرنسية، أن عدد القتلى الفرنسيين بلغ 42 قتيلاً و152 جريحاً، منهم ضابطان و14 مفقوداً.
لقد كان 24 تموز يوماً حاسماً، فبدأ الفرنسيون الهجوم في الصباح بالدبابات والمشاة، ولم تعقها الألغام، وصمدت القوات العربية حتى نفدت الذخيرة، واقتربت القوات الفرنسية من القلب، وشاهد أحد رماة الدبابات الفرنسية يوسف العظمة وقد لمعت شاراته الصفراء من وهج الشمس، وهو يهم بالانتقال إلى جانب مدفع لإصلاحه، فأطلق عليه النار وأصابه برأسه وصدره وسقط شهيداً، وكان ذلك نحو العاشرة والنصف. وبعد ذلك انسحبت القوات، وبعد انسحابها أعدم الكثيرون من الذين خانوا، وأجهز الفرنسيون على الجرحى بالسلاح الأبيض.
ولا يزال ضريح البطل الشهيد يوسف العظمة في ميسلون، في المكان الذي استشهد فيه على بُعد بضعة أمتار من طريق دمشق- بيروت، وقد سمح الفرنسيون لزوجته بعد دفنه أن تكتب على قبره، وعلى لوحة خشبية، العبارة التالية: "هذا وزير حربية الحكومة الشريفية، مات جندياً بشجاعة".
وهذا الشاعر خليل مردم بك يشيد ببطولات ميسلون في قصيدة بعنوان "هوى التاج" نقتطف منها الأبيات التالية:
مازال يُقدمُ والأبطالُ محجمةُ
حتى المنيةُ منه أصبحَتْ أمما
فما تردَّدَ في تفضيلِ موردِها
عن أنْ يقالَ وزيرُ الحربِ قد هُزما
في ذمةِ اللهِ أشلاءٌ مجندلةٌ
تقحمَتْ جاحمَ الهيجاءِ مضطرما
قد أبلغوا النفسَ عذراً في مصارعِهمْ
ومبلغٌ نفسَهُ عذراً كمن سلما
تحية إلى الشهيد البطل يوسف العظمة، وتحية إلى جميع الشهداء الذين قضوا مدافعين عن حرية الوطن واستقلاله.
باسم عبدو
غورو يستعرض قواته قبل بدء المعركة
أفراد من الجيش السوري قبل المعركة
وسيم حجوك- Üsteğmen
- عدد الرسائل : 617
العمر : 51
العائلة التركمانية : oğuz Begdili
تاريخ التسجيل : 11/03/2008
رد: في ذكرى التحرير - معركة ميسلون -
لاتعليق إلا
"هذا وزير حربية الحكومة الشريفية، مات جندياً بشجاعة".
"هذا وزير حربية الحكومة الشريفية، مات جندياً بشجاعة".
أبوبكر برق- Üsteğmen
- عدد الرسائل : 637
العمر : 56
الموقع : حمص - باباعمرو
العائلة التركمانية : oğuz Begdili
تاريخ التسجيل : 10/03/2008
رد: في ذكرى التحرير - معركة ميسلون -
عاشو ابطال وماتوشهداء وأبطال قدمو ارواحهم فداء للوطن
شكرا ابن العم موضوع قيم
شكرا ابن العم موضوع قيم
ابوعمرو- Ast çavuş
- عدد الرسائل : 59
تاريخ التسجيل : 19/03/2008
مواضيع مماثلة
» في ذكرى التحرير - يوسف العظمة -
» ذكرى شنق قلعة
» ذكرى الإسراء والمعراج
» 24 اوجاق ذكرى يوم الحقوق الثقافية التركمانية
» معركة ماريتزا
» ذكرى شنق قلعة
» ذكرى الإسراء والمعراج
» 24 اوجاق ذكرى يوم الحقوق الثقافية التركمانية
» معركة ماريتزا
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى