نهر الشوك
صفحة 1 من اصل 1
نهر الشوك
أساطير في الباير والبوجاق
مثل أي بقعة جغرافية في العالم تسود منطقة الباير والبوجاق مجموعة من الأساطير الطريفة والمثيرة في الآن نفسه ، هذه الأساطير قد تكون معادلاً رمزياً للواقع أو أنها تعبر عن رغبات دفينة لدى شعب من الشعوب ، أو تكون بعضا من الموروث الثقافي للشعب اختزنت في العقل الباطن للذاكرة الجماعية منذ عصور مضت .
ومن هذه الأساطير ما يروى في قرية العيسوية ،وفي منطقة يقال لها tikennigin deresi)نهر الشوك وهي منطقة كثيرة الشجر، وافرة المياه ، بعيدة عن العمران ، يخيم عليها الظلام وسط النهار ، ويشعر المرء فيها بالوحشة والرهبة ، ويصاب بالهلع والجزع فيسوق دابته مسرعاً خائفاً من أن يمسه سوء أو طائف من الشيطان .
حدثت واقعة في هذه الناحية يرويها الجميع مع شخص يقال له " عهد " رحمه الله ، كلنا نعرفه، عهد هذا كان شخصاً جسوراً، عملاقاً، يجول في الطرقات ليلاً مدعياً أن الكرى يجافيه، والقلق يأخذ منه كل مأخذ.
يحكى أن " عهداً " هذا كان يقطع الطريق ليلاً فمر في وادي نهر الشوك ، فإذ به يسمع صوت طبل وزمر من بعيد ، فيقترب رويداً رويداً والصوت يقوى ويشتد كلما اقترب عهد ، يقترب أكثر فأكثر ، ولم لا ؟ وعهد هذا يحب الطرب واللهو والغناء ،يدنو حتى يصبح وجهاً لوجه مع عرس كبير صاخب ، فيطرب عهد لما رأى ، ويفرح ، ويدخل بين الناس ويشارك مع المشاركين دون أن يدعوه أحد ، إلا أن الموكب يسلك لنفسه طريقاً مغايراً فيسير نحو عمق الغابة ، بدلاً من السير على العام ويتقدم نحو أعماق مجهولة ، و" عهد " معهم يذهب غافلاً ، ودون أن يسأل نفسه : إلى أين نحن ماضون؟
يتوقف الجميع في مكان ما على ضفاف النهر ، وبين غابات الصنوبر الضخمة ، ويُنزَل العروس من الجواد الأبيض الأصيل ، ويُأخذ إلى خدرها ، والجمهور يؤتى إليه بالطعام الساخن الشهي ، فيه كل ما تشتهيه النفس وتقر به العين ، ويقدم الفواكه فيها كل ما لذ وطاب ، و"عهد " بينهم على مائدة الطعام ، إلا أنه يلح عليه كثيراً ، ويرتجى من قبل أهل العرس ، قائلين له : لديكم كلمة تقولونها على طعامكم ، وقبل البدء به ، فالرجاء الرجاء ألا تذكرها بيننا وعلى موائدنا ياضيفنا العزيز .
عهد يفهم ما يشيرون إليه وما يقصدونه بقولهم : لديكم كلمة تقولونه على موائدكم . فهل يطيعهم ، وينصاع إليهم ويقبل رجاءهم ، وهو معروف لدى القاصي والداني بعناده ومخالفته ورفضه للرجاء .
عهد يركب رأسه ((كما يقال ) ) وأمامه صحون من طعام المحشة ، فيقول قبل أن يمد يده إلى الطعام : بسم الله الرحمن الرحيم .
وما هي إلا غمضة عين والتفاتها حتى يزول كل شيء ، ويختفي كل أحد ، ويصبح المكان العامر بالأنس والطرب خالياً قفراً موحشاً ، تتقافز الأشباح هنا وهناك دون أن تبدو للعيان ، تريد أن تمس عهدً وتنال منه ، وعهد بقي في يده الصحن ، وتحولت المحشية فيه إلى مخلفات حمار ،
عهد يترك كل شيء حيث هو ، ويعيد أدراجه إلى القرية ، ومذاك يقلق عهد في الليل ، ولاينام فيه إلا قليلا إلا انه لم يتسنى لنا – نحن الأطفال – أن نسأله عن عن حقيقة القصة التي يعرفها الجميع . رحمة الله عليك عهد!
takan turkmen- Çavuş
- عدد الرسائل : 137
تاريخ التسجيل : 21/06/2008
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى