الدكتور جواد هيئت

من طرف afrasiab الأربعاء ديسمبر 15, 2010 7:18 pm

ولد الدكتور ( جواد هيئت ) بعائلة متديّنة في عام ( 1925 ) في تبريز ، وكان والده عالما ً روحانيا ً كبيرا ً ساهم بكل إخلاص ووفاء لوطنه وقومه في الحركة الدستورية التي قادها البطل الشعبي ( ستار خان ) و رفاقه الآذريين ، ثم تفرّغ في تأسيس الجمعيات العدلية والحقوقية دفاعا ً عن مظلومية الشعب في أوائل القرن الماضي ، وقد حصرَ ( جواد هيئت ) منذ يفاعته إهتمامَه في دراسة الطب والجراحة متطلعا ً أن يساهم في تضميد ِ جراح َ شعبه بكل جديّة من خلال إستغراقه ِ بدراسة النظريات الطبية والإطروحات العلمية بالإضافة الى إجتهاده المحموم في دراسة الآثار الأدبية واللغوية والفولكلورية لشعبه الآذربيجاني التركي الذي كان يعيش ُ محروما ً من حقوقهِ المدنية والدستورية في ظل ِ سطوة نظامين إستبداديين ، الشاهنشاهي والسوفييتي ، في تلك الحقبة ..

فأختار ( جواد هيئت ) بأن لا يكتفي بمعالجة جسد شعبه النازف بل يخوضَ عميقاً بمعالجة ِ آلامه المعنوية والمعرفية واللغوية فإتجه الى دراسة الطب في إستنبول ثم أكملَ تحصيلـَه العالي في پاريس عام ( 1952 ) فرجع الى طهران آخذا ً على عاتقه بالكتابة بموضوع إختصاصه لمدة نصف قرن من الاطروحات العلمية المقرونة بالتجارب العملية في ساحة ِالجراحة الطبية حيث قاد َ أكثرمن (2500) عملية جراحية في إيران و سجّل نجاح أول عملية جراحية للقلب المفتوح بدقـّة عالية في ذلك الوقت ، فأ ُختير في عام ( 1963 ) الى الهيئة الإدارية والتنفيذية للمنظمة العالمية ممثلا ً عن إيران ورئيسا ً لتحرير أوسع مجلة للمعلومات الطبية في إيرانDanese-pezeshki ) ( حيث دُعي الى الندوات الطبيـّة العالمية محاضرا ً و مشاركا ً في أعمالها في ( 60 ) مساهمة دولية بالإضافة الى تقديم خبراته و دراساته العلمية في الطب التي أهّلته بأن يُرشح في عام ( 1982 ) الى عضوية الأكاديمية الطبيـّة للجراحة في فرنسا ثم أ ُختير رئيسا ً لقسم الجراحة في جامعة طهران وقد تكللت نتائج ُ إجتهاداته و مثابراته العلمية والعملية المتواصلة في جراحة ِ القلب المفتوح وفي عمليات تغيير صمام القلب و تبديل كلية الانسان الذي طبّقه طويلا ً في المختبرات الطبية بأن حاز بجدارة على لقب ( مواطن شرف ) من الدرجة الاولى في إيران فأخذ على عاتقه القيام بتأليف مجلدين طبيين أودع فيهما خبراته ودراساته العلمية في هذا المجال بالإضافة الى كتابة مائة مقالة علمية التي نشرت لاحقا ً في مختلف المجلات العلمية في إيران و تركيا وفرنسا والمانيا و أمريكا ...

والغريب بأن هذا العالِم الجليل كان ولازال مواظبا ً يقرن ُ كتاباته العلمية بالكتابة في تأريخ شعبه الآذربيجاني الى يومنا هذا حيث نجحَ ولأول مرة ٍ ايضا ً وقبل ما يقرب من ثلاثين عاما ً في إستصدار حق النشر لمجلة أدبية و ثقافية ولغوية باللغة التركية والتي أطلق عليها إسما ً له دلالة عميقة في وجدان شعبه المظلوم وهو ( الوجود – وارليق – Varliq ) التي إشترك في تحريرها لفيف ٌ من الكتاب الكبار في مختلف الإختصاصات وعلى رأسهم المرحوم الدكتور محمد علي فرزانة قبل منفاه الإضطراري والصديق العالم والشاعر الدكتور صبري تبريزي ، أطال الله عمره في منفاه البريطاني والآديب العَالم علي كمالي والدكتور حميد نطقي و الشاعر كريم مشروطه جي بالإضافة الى مباركة ِ الشاعرين الفذ ٌين ( شهريار و سهند ) قبل وفاتهما ، وقد شقت هذه المجلة طريقـها الى قلوب الشعب الآذربيجاني رغم َ محاولات التصنيف والحصار والرقابة ، ولكن إصرار الدكتور ( جواد هيئت ) وروحه القومية الوثابة و شهرته العلمية العالمية و قلمه الآدبي المبدع لم يفسح المجال إطلاقا ً لكيد ِ التفريسيين بأن ينال من هذه المجلة التي أصدرها عنوة ً من قعر ِ الأفئدة السوداء للحكام القابعين في طهران ، فبدأ هذا الإنجاز أو الصرح الأدبي والتأريخي واللغوي يشقّ ُ طريقـَه خلل ِ أمواج الحقد العاتية متوّجا ً بالنجاح في إبراز هوية الشعب الآذربيجاني بسلسلة مقالات ٍ متواصلة التي كتبها أصدقاء الدكتور من العلماء المخضرمين و الشباب في خدمة ِ قضايا أمتهم حتى قيل عن هذه المجلة بأنها لعبت طوال هذه العقود دورا ً أكبر مما تلعبُه مؤسسة أكاديمية موسوعية في هذا المجال ، حيث قام هذا الانسان ُ النبيل بتأليف ِ و نشر ِ سبعة َ مجلدات و ( 250 ) مقالة علمية مختصة باللغة والآدب والتأريخ والفولكلور في هذا المنبر الثقافي دفاعا ً عن ثقافة شعبه الموغلة في القدم و إبرازا ً لخصوصيات العلماء و الفلاسفة والادباء و المفكرين الذين أنجبتهم الآرض الآذربيجانية في إيران وقد ُنشرت مؤلفات هذا الإبن البار لوطنه و شعبه بدفعات ٍ في تركيا و آذربيجان الشمالي و ترجمت لاحقا ً الى اللغات الفرنسية والروسية والألمانية والأنكليزية حيث تم نشر أربعة مجلدات منها بالحرف الروسي ( كيريل ) في آذربيجان قبل القيام بتبديله الى الحرف ( اللاتيني ) فنال َ على أثر هذا النشاط الإبداعي عضوية ( أكاديمية العلوم والآداب الآذربيجانية ) و عضوية إتحاد الكتاب والأدباء الآذربيجانيين بالإضافة الى العضوية الفخرية لعلماء آذربيجان حيث مُنح درجة دكتوراه فخرية ثم درجة پروفيسور فخري في جامعات آذربيجان ، وعلى ضوء خدماته الطبية مُنح من جامعة إستنبول قبل أربعين عاما ً دبلوم َ الوسام الذهبي ولقب دكتور لخدماته في علم ( توركولوجيا - Turkoloji) في تركيا..

ولا ننسى بهذا الصدد التقدير الكبير الذي ناله من العَالم التركي بمناسبة بلوغه السبعين من العمر من قبل الأكاديمية الآذربيجانية الذي جرى بحفل ٍ إستثنائي مَهيب .. !!!

منقول من موقع نحن التركمان