الرجل والضبع
صفحة 1 من اصل 1
الرجل والضبع
في قديم الزمان كان هناك راع نشيط في إحدى قرى الباير والبوجاق يستيقظ قبل استيقاظ العصافير، فيتناول فطوره ، ويحمل زاده الذي غالباً ما يتألف من تين يابس وخبر وبصل ، فيغدو إلى الحظائر ، ويطلق قطيعه الذي شاء الله أن يباركه ، ويمنح له مايسر العين و يثلج الصدر ، فيمضي فرحاناً نشواناً إلى هاتيك الحقول والسفوح المتدة على مد النظر ، وقد حمل عصاه بيد وشبابته بالأخرى يعزف ألحاناً شجياً ، تدخل إلى القلوب دون استئذان . ويعود مساء إلى بيته والعافية بادية على قطيعه ، فتستقبله زوجته وأولاده بالبشر والسعادة.
وفي أحد الأيام وقبيل غروب الشمس حيث الراعي مازال في الجبال وعلى بعد عدة كليومترات ،فجأة انطلق قوي يشبه الدوي :
( يا عالم يا ناس ياهو ، أنقذوني ، أنقذوني ، يلا ياعالم عجلو ، الضبع قد هجم علي ، الضبع سيأكلني ، الضبع يحاصرني ، )
فهرع الفلاحون إلى مصدر الصوت يريدون إنقاذ الراعي المسكين ، ومضى كل من أمسك بندقيته ، أو مسدسه ، أو فأسه وحتى سكينه
و وبعد دقائق معدودات كانوا حيث يصيح الراعي وقد أنهكهم التعب والركض ، لكنهم فوجئوا لما وصلوا ، حيث لاأثر لضبع و لاحتى لأرنب ، بل كان الر اعي
يقهقه بأعلى صوته ، فقالوا له :
أين الضبع يارجل ، يا أبا فلان ؟ .
قال : لاضبع هنا ولا من يحزنون ، وإنما أحببت أن أمزح معكم !
فعاد الجميع إلى القرية ، وهم يصبون اللعنات على الراعي الكاذب
وبعد عدة شهور أعاد الراعي المزحوح الكرة ، وقد اعتلى صخرة عالية في مكان يشرف القرية ، وبدأ يصرخ بكل ما أوتي من قوة
صوت :
( ياناس ياعالم ، الحقوني ، أسرعوا ، الضبع يأكلني ، الضبع اللعين قد هجم علي ، يلا يانس ، عجلو ، وين النخوة ، وين النشامى )
فأسرع كل من سمع حاملاً سلاحه أو فأسه أو بلطته ، ولما وصلوا إليه لم يجدوا ضبعاً بل رأوا الراعي يضحك منهم .
قالوا : أين ما أتيت بنا من أجله أيها الكاذب ؟
قال : لقد ضحكت عليكم ، وسخرت منكم ، وا أسهل أن يضحك الإنسا على أمثالكم .
قالوا : هيك لكن ، بسيطة يا كذاب ، منفرجيك !
عاد الناس ممقوتين حانقين إلى بيوتهم ، والمرارة تعتصر قلوبهم وقد سخر منهم الراعي مرتين .
ولم يمض زمن طويل حتى أعاد الراعي الكرة مرة ً ثالثة :
( ياناس ياعالم أنقذوني أنقذوني ، الضبع يأكلني ، ياهو واللا العظيم مابكذب عليكم ، يلا أسرعوا )
لاأحد يحرك ساكنا ً ، ولايبين في الأفق أثار نجدة أو إغاثة ، فيتابع الراعي إطلاق ضرخات الإستغاثة والإستنجاد دون كلل أو ملل ،لكن لا من
مجيب .
الكل يسمع نداءات الإستغانة ، لكن لا أحد يحرك ساكناً ولا يعير للأمر اهتماماً ، وكل يقول :
إنه الراعي الكذاب ، يريد أن يضحك عليكم كعادته، فلا يذهب أحد !
فيتابع الراعي إطلاق صرخات النجدة بألم ومرارة ، وكان نبرات الخوف والوجع والتوسل بادياً جلياً . إلا أن أحداً لم يبادر إلى إنقاذه
وكان في القوم رجل رشيد ، قال :
ياجماعة بجوز يكون صادق هلمرة ، وما أدراكن ، بقولو تالتة فالتة ، يلا هبوا لنجدته ،
لكن أحداً لم ينهض ، وقال الجميع : إنه كذاب أشر ، يضحك علينا، قاتله الله !
وقد قتل الضبع الراعي فعلاً ومضى به إلى حيث لايعلم أحد ، ولم يقع أحد على أثر له إلى يومنا هذا ، ورحمة الله عليه مهما كان
takan turkmen- Çavuş
- عدد الرسائل : 137
تاريخ التسجيل : 21/06/2008
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى